تعريف وشروط العبادة وأنواع العبادة

درس مختصر في العبادة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله القائل ( إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَـذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ ) والقائل ( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ )

والقائل ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )والقائل (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ) والصلاة والسلام على البشير النذير والسراج المنير الذي جاء عنه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أعرابي جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة . قال ( تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان ) قال والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا شيئا أبداً ولا أنقص منه . فلما ولى قال النبي صلى الله عليه وسلم ( من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا ) متفق عليه


درس مختصر في العبادة ( للشيخ فهد الفايز حفظه الله )


تعريف العبادة : لغة : التذلل والخضوع


اصطلاحاً : قال شيخ الإسلام : أسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة

معاني كلمة العبادة في القرآن

1 – بمعنى التوحيد ( وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً )


2 – بمعنى الطاعة ( أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ ) وقال تعالى ( أَهَؤُلَاء إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ )



أنواع


العبادة
1 ـ العامة : هي عبودية جميع الخلق لله تعالى ، وهي خضوعهم لقهره وقدره ومشيئته فإن الخلق كلهم مؤمنهم وكافرهم معبدون لله مقهورون مربوبون لله تعالى لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضراً دون مشيئة الله تعالى ومن الأدلة على هذا الاستعمال قوله سبحانه ( إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا ) وقوله ( وهو القاهر فوق عباده )
2ـ الخاصة : وهي عبودية المؤمنين لربهم وطاعتهم له وانقيادهم لأمره ونهيه وقيامهم بتوحيده والغاية في إطلاق لفظ العبادة في القرآن يراد به العبودية الخاصة ، ولهذا يروي البغوي ( رحمه الله ) عن ابن عباس قوله : ( إنا كل ما ورد في القرآن من العبادة فمعناها التوحيد ) وهذه العبادة الخاصة هي الغاية المحبوبة المرضية لله التي خلق الخلق لأجلها وأمر بها قال تعالى ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون )
أركان العبادة

1ـ الحب : ( والذين آمنوا أشد حبا لله )


ومن السنة قوله (صل الله عليه وسلم) ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين ) رواه الشيخان


2ـ التعظيم : قوله تعالى ( ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون ) وقوله( فلا تخشوهم و اخشون )


3ـ الخوف والرجاء : قال تعالى ( أمًٌن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجوا رحمة ربه )


( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا )


شروط العبادة


وآية الكهف جمعت الشرطين


( فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا )


الشرط الأول : هو الإخلاص لله وحده


كما قال تعالى( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ) , ( قل الله أعبد مخلصا له ديني ) ...


وقد حذر الله تعالى أن يقصد غيره بالعبادة فقال ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) ..


وقال 
(صل الله عليه وسلم) في الحديث القدسي : ( أنا أغنى الشركاء عن الشرك..من عمل عملا أشرك فيه غيري تركته وشركه ).


والدليل على الإخلاص من السنة حديث عمر رضي الله عنه:( إنما الأعمال بالنيات ...) الحديث


الشرط الثاني : أن تكون صوابا على ما جاء به رسول الله 
(صل الله عليه وسلم) عن ربه وهي المتابعة...


والدليل على ذلك قوله تعالى ( شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا و الذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى..) الآية




أصول العبادة
أولاً: أنها توقيفية ـ بمعنى أنه لا مجال للرأي فيها بل لابد أن يكون المشرع لها هو الله سبحانه وتعالى- أو رسول الله ( ثُمّ جَعَلنَاكَ عَلَى شَريعَةٍ مِنَ الأمرِ فاتّبِعها ولا تَتّبعِ أهَواءَ الذينَ لا يَعلمُون )
ثانياً: لا بد أن تكون العبادة خالصة لله ( فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً )
ثالثاً: لا بد أن يكون القدوة في العبادة والمبين لها رسول الله "ومَاءَ أتاكم الرّسُولُ فَخُذُوهُ وما نَهاكُم عَنهُ فانَتّهُوا" . وقال النبي : { من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد}
رابعاً: أن العبادة محدودة بمواقيت ومقادير لا يجوز تعديها وتجاوزها كالصلاة مثلاً، قال – تعالى -: "إن الصّلاةَ كانَتَ على المُؤمِنِينَ كِتاباً مَوقُوتاً" وكالحج، قال – تعالى "الحَجُ أشهُرٌ مَعلومَاتٌ" وكالصوم، قال – تعالى -: "شََهرُ رمَضَانَ الّذي أنزلَ فيهِ القُرءَانُ هُدًى للنّاسِ وبَيناتٍ مِنَ الهُدى والفُرقان فَمنَ شَهدَ مِنكُمُ الشَهرَ فليَصُمهُ" فلا تصح هذه العبادات في غير مواقيتها.
خامساً: لابد أن تكون العبادة قائمة على محبة الله – تعالى -، والذل له، وخوفه ورجائه ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )
سادساً: أن العبادة لا تسقط عن المكلف من بلوغه عاقلاً إلى وفاته قال تعالى " وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ " وقال " واعَبدَ ربَكَ حتَى يأتِيك الَيقِين "

فائدة
قال أئمة الإسلام كسفيان الثوري وغيره إن البدعة أحب إلى إبليس من المعصية لان البدعة لا يتاب منها والمعصية يتاب منها ومعنى قولهم أن البدعة لا يتاب منها أن المبتدع الذي يتخذ دينا لم يشرعه الله ولا رسوله قد زين له سوء عمله فرآه حسنا فهو لا يتوب ما دام يراه حسنا لان أول التوبة العلم بأن فعله سيء ليتوب منه أو بأنه ترك حسنا مأمورا به أمر إيجاب أو استحباب ليتوب ويفعله فما دام يرى فعله حسنا وهو سيء في نفس الأمر فانه لا يتوب ( من كتاب التحفة العراقية في الأعمال القلبية .. ابن تيمية )
اللهم ارزقنا حبك وحب من يحبك وحب العمل الصالح الذي يقربنا إلى حبك .. اللهم آمين